حرياترئيسي

قمع الحريات في تونس: محاكمة رسام الكاريكاتير توفيق عمران نموذجا

تقدم المحاكمة الجارية لرسام الكاريكاتير توفيق عمران نموذجا جديدا على حدة القمع الحريات في تونس في عهد رئيس الجمهورية الأكثر استبدادا قيس سعيد.

وتم إطلاق عمران الجمعة، غداة اعتقاله بسبب رسوم انتقد فيها رئيس الحكومة أحمد الحشاني. قبل أن يمثل أن يمثل أمام المحكمة الابتدائية يوم أمس.

وأوقِف توفيق عمران احتياطيا الخميس بشبهة “الإساءة إلى الغير” عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر رسمَين ينتقدان رئيس الحكومة أحمد الحشاني.

وصرح أنس الكدوسي، محامي عمران، أنّ ملف الاستماع لمنوّبه على خلفية رسومه الكاريكاتورية المتعلقة برئيس الحكومة أحمد الحشاني، مازال على حاله، إذ أنّ الاستماع له اليوم تعلّق بقضية أخرى في إصدار شيك بدون رصيد، وفقه.

وقال الكدوسي لإذاعة “الديوان أف أم” (محلية)، أنّ السماع الفارط الذي تمّ بمركز الأمن بمقرين، كان أغلب البحث والسماع فيه يتعلق بالرسوم الكاريكاتورية لتوفيق عمران، وموضوع البحث هو الإساءة للغير على الشبكة العمومية للاتصالات على معنى الفصل 86 من مجلة الاتصالات، في علاقة برسوم ساخرة تتعلق بئيس الحكومة أحمد الحشاني، وكان السؤال عن الشيك سؤالًا عرضيًا في البداية لا غير، وفقه.

وأضاف أنه وقع الاحتفاظ بموكّله وقتها على خلفية الرسوم ووقع تسريحه بعد سويعات، وتم استدعاؤه للمثول بالمحكمة الابتدائية ببن عروس، ومازال الملف على حالته، لكن هناك ملف آخر من أنظار المحكمة الابتدائية بتونس، تمّت على أساسه دعوة الرسام ليمثل اليوم أمام وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، يتعلق بإصدار شيك بدون رصيد في عام 2015، أي منذ حوالي 8 سنوات من الآن، حسب المحامي.

وكانت رئاسة الحكومة ذكرت في بيان، بعد اعتقال عمران والإفراج عنه، الجمعة الماضي: “إذا كانت هذه التتبعات قد تمت من أجل أفعال أخرى قد يكون توفيق عمران ارتكبها، فذلك شأن قضائي بحت.

“أما إذا كانت من أجل صورة كاريكاتورية، فهو أمر إن كان فيه للنيابة العمومية تقدير بحكم القانون فإن تقدير رئاسة الحكومة هو أنه ليس هناك ما يبرر مثل هذه التتبعات، لأن حرية الإبداع مضمونة في نص دستور 25 يوليو/تموز 2022 بفصله التاسع والأربعين”.

وأضافت: “من أراد أن يخلط بين حرية التعبير وحرية الإبداع من جهة، وجريمة إصدار صك من دون رصيد من جهة أخرى، فهو من قبيل من يبحث عن رصيد فقده منذ سنين ويريد أن يكوّنه من جديد باختلاق الأراجيف والأكاذيب”.

لكن عمران أكد في تصريحات إذاعية أن أسئلة المحققين كانت حول انتمائه الديني والسياسي، وأوضح أن البحث “شمل رسوماً تتعلّق برئيس الحكومة”.

وتوضح هذه التطورات الخطيرة أن السلطات في تونس ضاقت ذرعاً بـ”هؤلاء المزعجين” من الصحافيين والناقدين، وأن درجة الحساسية منهم ارتفعت إلى الحد الأقصى، وأن طاقة صبرها عليهم قد نفدت، بما يفيد بأن الآتي سيكون سيئاً للغاية.

الجمعة أيضاً، جرت مداهمات وتفتيش بيتي المعارضين، محمد الحامدي ورياض الشعيبي، ولم يُعرف عنهما أيضاً سوى المعارضة السلمية الهادئة الناقدة، بالكلمة فقط، ولكن السلطة لم تعد في ما يبدو قابلة لأي كلمة من هؤلاء “المناوئين الذين يريدون تفجير الدولة من الداخل”، على حد تعبير الرئيس قيس سعيّد.

وعلى الرغم من كل هذا، يصر وزير الخارجية نبيل عمار، من نيويورك، على الترويج لوضع الحريات المدهش في تونس، وعلى العدالة المنتشرة التي لا تظلم أحداً، بينما العالم الصديق لتونس يتفرج على هذه المأساة التي تعصف بالديمقراطية الوليدة في المنطقة من دون أن يحرك ساكناً.

وذلك على الرغم من أن ضمائر البعض تتحرك أحياناً لدفع الملامة لا غير، مثل ما حصل مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي انتقدت اتفاق الهجرة الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تونس.

وبحسب ما نقلته وكالة “رويترز”، فقد كتبت في رسالة إلى المفوضية الأوروبية: “يجب أن نسترشد بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في تعاوننا، وهو أمر لم يحظ بالاعتبار المناسب في الاتفاق مع تونس”. كلمات لن تغير كثيراً من واقع التونسيين السريالي، الذي لن يغيره سواهم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق