قراءة في دعوة قيس سعيد لإجراء الانتخابات المحلية نهاية العام

أصدر رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمراً بإجراء الانتخابات المحلية يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وهو يصادف اليوم الذي سقط فيها أكبر عدد من الضحايا إبان أحداث الثورة التونسية 2010.
وبحسب مراقبين يستولي قيس سعيد تدريجياً على التاريخ والماضي، بعد أن ضمن بسط نفوذه على المستقبل، المنظور منه والمتوسط.
إذ أنه يبدي قدرات هائلة لم يتوقعها مريدوه قبل خصومه على هدم تجربة العشرية الماضية وكل تراثها، حتى بدت أطلالاً لا تثير رثاء إلا القليل.
وتوقع المراقبون العزوف الشعبي وضعف المشاركة، ودعوات مناصرين لتأجيل الانتخابات المحلية.
إذ تتجه مختلف أطياف المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة التي تعتبرها امتداداً للانقلاب، وترسيخاً لنظام الحكم الفردي، واعترافاً بمسار أحادي انقلب على الشرعية ومنظومة دستور 2014.
وبهذا الصدد أعلنت الممثلة القانونية لحراك 25 يوليو فاطمة بن حسين، خلال ندوة صحافية، أن الحراك “طالب بتأجيل هذه الانتخابات بالنظر إلى أن الوضع العام والأزمة التي تمر بها البلاد قد تكون عقبة أمام خروج الناخب التونسي للمشاركة في الانتخابات المحلية”.
وإذ أكدت “الاستعداد للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة على مستوى المكاتب الجهوية والمحلية”، أشارت إلى أنه لا يمكن القيام بأية خطوة فعلية قبل صدور الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين.
فيما صرح رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات “عتيد” بسام معطر، بأن “تحديد موعد الانتخابات يُعدّ قراراً سياسياً يعود لرئيس الجمهورية، خصوصاً أن هذه الانتخابات تُعدّ الأولى من نوعها”.
ورجح معطر أن يدوم “المسار الانتخابي للانتخابات المحلية والجهوية بدورتيها، وإعلان النتائج، والطعون، والتقاضي، ثم تنصيب مجلس الجهات والأقاليم، لأشهر”، مبيناً أنه يتطلب على أقل تقدير 5 أشهر، وقد تطول العملية إلى 8 أشهر.
بدوره، قال المتحدث باسم حزب “حركة الشعب” أسامة عويدات، أنهم بتأخير الانتخابات، لأن الوضع العام الاقتصادي والاجتماعي لا يسمح بالقيام بالانتخابات، وأن المرحلة المقبلة تستدعي أن يشعر المواطن أن هناك اهتماماً بأولوياته بتحسين المعيشة والقدرة الشرائية، حتى يكون هناك إقبال على العملية السياسية، يليه إقبال على العملية الانتخابية في ما بعد.
ورأى أن العملية ستكون فاشلة في الوضع الحالي بسبب القرب الزمني، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يمكن إجراء الانتخابات تقنياً، لعدم جهوزية هيئة الانتخابات التونسية، وضرورة تكوين مراقبين وأعوان، بالنظر لعدد الترشيحات، والدوائر الانتخابية، والتحضيرات الكبيرة، بالإضافة إلى عملية جمع التزكيات في كل عمادة، وهذا يتطلب جهداً كبيراً ونعتقد أن الهيئة غير مستعدة لهذا العمل الكبير الآن، وفق تأكيده.
وتابع عويدات “من الناحية السياسية لا يمكن أن نجري انتخابات ونحن في وضع عزوف عام عن العملية السياسية، وهو ما سيقودنا إلى عزوف عام عن العملية الانتخابية، ونحن كنا مع إرجائها، وهذا أفضل لتونس حتى يتحسن الوضع الاجتماعي للمواطنين حتى يهتم التونسيون بالوضعية الانتخابية”.
ويرى معارضون لسعيّد أن هذه الانتخابات، كما انتخابات مجلس نواب الشعب، ستشهد عزوفاً وضعفاً في الإقبال، ومقاطعة واسعة، ما يجعل النظام يدخل مغامرة جديدة ستكشف تراجع شعبيته.
فيما يرى جانب آخر من المعارضة، أن سعيّد غير حريص على استكمال مؤسسات الدستور الذي صاغه بنفسه، مفضلاً مؤسسات عرجاء وشغورات دستورية ستعزز استدامة حكمه المفرد.
وكانت انتخابات مجلس نواب الشعب سجلت نسبة إقبال على التصويت في الدورة الثانية مطلع العام الحالي، بلغت 11.4 بالمائة وفقاً للأرقام النهائية التي أعلنتها الهيئة، وبذلك يكون حوالي 90 بالمائة من الناخبين قد عزفوا عن المشاركة.
ويعتبر الخبراء أن نسبة الإقبال الهزيلة هذه هي الأضعف منذ ثورة 2011، وهي مؤشر سلبي لمشروع الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 2021.