
يمثل تصاعد أوامر الاستدعاء واستمرار توقيف الصحفيين والإعلامين في تونس انتهاكا خطيرا للنصوص الدستورية والدولية بحسب ما أكدت أوساط حقوقية.
ونددت منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان في بيان صحفي لها، بممارسات السلطات التونسية تجاه الصحفيين والإعلامين لا سيما عمليات التوقيف والاستدعاء والتحويل للمحاكمة.
وأكدت المنظمة على أن تصاعد الانتهاكات في تونس ضد الصحفيين أمر مدان ويشكل انتهاكًا للقواعد القانونية الدولية التي كفلت حرية الرأي والتعبير وممارسة العمل الصحفي دون تقييد أو ملاحقة.
وبينت أن آخر تلك الانتهاكات كان عبر استدعاء الأجهزة الأمنية لصحفيين عاملين بإذاعة “موزاييك أف أم” واسعة الانتشار، وهما “هيثم المكي” و “إلياس الغربي” إلى التحقيق بعد شكوى تقدمت بها احدى الجهات الأمنية.
وذكرت “سكاي لاين” بأن “الغربي” يقدم برنامجاً سياسياً وحوارياً ينتقد توجهات السلطة في تونس، فيما يبث “المكي” مساحة للصحافة يومياً في البرنامج نفسه بطريقة ساخرة، وانتقد في وقت سابق تعامل الأمن مع اعتداء جربة الذي استهدف معبداً لليهود وخلف عدداً من الضحايا حيث تم استدعائهما الأسبوع الماضي بعد تعليقهما على بعض الأحداث المحلية إلى جانب انتقادهم الدائم للتعامل البوليسي مع المواطنين التونسيين والمعارضين.
ولفتت المنظمة إلى أن “إذاعة موزاييك إف إم” تتعرض منذ عدة أشهر لضغوطات من قبل الأجهزة الأمنية بسبب نهجها في التعليق على قرارات الرئيس و ممارسات الأجهزة البوليسية.
وأشارت السلطات القضائية سجنت مدير إذاعة “موزاييك” وهو الصحافي “نور الدين بوطار” قبل 3 أشهر، بسبب شبهات بتبييض الأموال، لكن هيئة الدفاع عنه تقول إنه طلب منه تغيير الخط التحريري للإذاعة والكف عن الانتقادات الحادة التي يتم توجيهها إلى السلطات.
كما صدر حكم بسجن الصحافي في إذاعة “موزاييك إف إم” خليفة القاسمي لمدة خمس سنوات، إضافة إلى استدعاء مزيد من الصحافيين من أجل التحقيق وتوجيه الاتهامات لهم على خلفية أداء عملهم الصحافي.
وأبرزت المنظمة مخاوفها من تصاعد عمليات التضييق والاستدعاءات بحق الصحفيين حيث لم تقتصر انتهاكات الأجهزة الأمنية ضد العاملين في إذاعة “موزاييك” وحدها.
بل وثقت المنظمة عدت انتهاكات من ضمنها الاستدعاء الذي وجه للصحفية “منية العرفاوي” و الصحفي “محمد بوغلاب” خلال الأيام المقبلة، على خلفية شكوى تقدم بها ضدهما وزير الشؤون الدينية في الحكومة التونسية “إبراهيم الشايبي”، علماً بأنه سبق التحقيق معهما في مناسبتين من قبل.
كما استدعي الصحافي في التلفزيون التونسي “وليد الحمراوي” للتحقيق معه مؤخراً بسبب إنتاجه عملاً “فيه تجاوزات غير قانونية” وفقًا لادعاءات السلطات.
كما تلقى الصحافي في “راديو ماد” أمين الضبايبي استدعاء قبل أيام للتحقيق معه في شكوى تقدم بها ضده أيضاً وزير الشؤون الدينية.
وأكدت “سكاي لاين” على عمليات التضييق على الصحفيين في تونس تنتهك بشكل خطير وغير مبرر قواعد العمل الصحفي المتعارف عليها والدستور التونسي والعديد من الاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذان كفلا حق نقل المعلومات والحصول عليها ونشرها دون تقييد أو تهديد.
وشددت المنظمة على أن تلك القيود أن تأتي بالتزامن مع التراجع المستمر الذي تشهده البلاد، بعد قرارات الرئيس التونسي بتاريخ 25 يوليو/تموز 2021، والتي جمّد بموجبها عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، كما تولى جميع السلطات.
إذ أدت تلك القرارات إلى تقييد حرية الرأي والتعبير، ومراقبة الصحف والمواقع الإلكترونية بشكل غير قانوني الأمر الذي يشكل مخالفة واضحة وغير مبررة لمجموعة كبيرة من قواعد واتفاقيات القانون الدولي.
واختتمت “سكاي لاين” بيانها، بدعوة رئيس الجمهورية “قيس سعيد”، للتراجع عن كافة القرارات التي من شأنها انتهاك حقوق الأفراد الأساسية، بشكل غير قانوني مؤكدة على أن استمرار تلك القرارات سيكون لها عواقب مقلقة، لما تمثله من انتهاك خطير لقواعد واتفاقيات القانون الدولي.
كما دعت المنظمة السلطات التونسية للتوقف عن سياسة الملاحقة والاستدعاءات ضد الصحفيين في تونس وضرورة تمكينهم من ممارسة حقهم في نقل الأخبار والتعليق عليها والتعبير عن آرائهم دون تقييد أو ملاحقة، مؤكدة على ضرورة قيام تلك السلطات بالإفراج الفوري غير المشروط عن كافة الصحفيين ومعتقلي الرأي.