أخبار تونسرئيسي

لاءات قيس سعيد.. قطع الطريق على أي محاولة لإنقاذ تونس

يجمع مراقبون على أن ما يفرضه رئيس الجمهورية قيس سعيد من لاءات تستهدف قطع الطريق على أي محاولة لإنقاذ تونس في ظل ما يفرضه من نظام قمعي واستبدادي.

وحدد سعيد ثلاث لاءات صادمة وحاسمة لقضايا ظلت غامضة، وكانت محل قراءات مختلفة، أبرزها المتعلقة بتصوّراته لمستقبل السلطة في تونس في المرحلة المقبلة، وخصوصاً موقفه من مسار مبادرة الحوار الوطني.

لاءات ثلاث أعلنها سعيّد، أولها تعلّق بالحوار الوطني الذي يقوده الاتحاد العام التونسي للشغل مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة الأعراف وهياكل أخرى وازنة من المجتمع المدني.

إذ أعلن سعيّد رفضه هذا الحوار، متسائلاً عن جدواه في وجود البرلمان القائم الذي يعتبره نتيجة حوار وطني أطلقه شخصياً ضمن خريطته السياسية المعلنة في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وقال في هذا السياق: “إذا كانت هناك مبادرة للحوار الوطني، فلماذا يوجد البرلمان، البرلمان موجود، وهناك حوار وطني داخله فلماذا هذا الحوار؟”.

وبإعلان سعيّد رفضه الحوار، سيجد الاتحاد العام التونسي للشغل نفسَه أمام خطّته البديلة المعلنة منذ فترة، والمتمثلة بانطلاق هذا الحوار من دون قيس سعيّد، وسيفضي ذلك مباشرة إلى مزيد تأزيم الوضع السياسي والاجتماعي.

إذ لا يقبل الشريك الاجتماعي الأول للحكومة تهميش مبادرته التي أعلنها سابقاً على رئيس الجمهورية، وها هو يرفضها للمرّة الثانية، خصوصاً وقد ظلّ الاتحاد لاعباً رئيسياً في كل المراحل السياسية للبلاد.

وهو ما مكّنه في سنة 2013 من الحصول على جائزة نوبل للسلام في إطار الرباعي الراعي للحوار، وليس بعيداً أن يغيّر الاتحاد من استراتيجيته تجاه السلطة والحكومة، بما سيهدم كل مسار مستقبلي للبحث عن آفاقٍ من شأنها أن تخرج البلاد من أزمتها المركّبة الخانقة.

ولم يخف الاتحاد موقفه الحاسم، معلناً أن رفض الحوار يعني وضع البلاد في اتجاه الاقتتال الذي سيوصل تونس إلى ما وصلت إليه سورية وليبيا.

تعلّقت اللا الثانية الصادمة برفض الرئيس قرض صندوق النقد الدولي بشروطه وإملاءاته، وقد جاءت انعكاسات هذا الرفض فورية، حيث تعرّضت الإصدارات التونسية المقومة باليورو في اليوم نفسه لأكبر انخفاض، وهوت السندات التونسية المقومة بالدولار بنحو 3.5 سنتات.

كذلك يجمع المتابعون وخبراء الاقتصاد والمال على أن هذا الرفض سيضع حدّاً لمسار حكومته من أجل الحصول على قرض بـ1.9 مليار دولار.

وقد بنت الحكومة على هذا القرض آمالها من أجل إنعاش الميزانية، وتقدّمت إلى إدارة الصندوق بخطّة الإصلاح المقترحة. كذلك أعلن وزير الاقتصاد أن البلاد لا تملك خياراً آخر غير الحصول على هذا القرض.

وبرفضه هذا القرض، متعللاً بما جاء في خطة الصندوق الدولي للإصلاح ورفع الدعم خصوصاً، سيجعل قيس سعيّد الحكومة مجبرة على اللجوء إلى مزيد من الاقتراض الداخلي، وإيقاف مشاريع التنمية ومواجهة صعوبات كبيرة لتمويل شراءاتها من المواد الأساسية والأدوية والمحروقات، فضلاً عن ضمان تسديد مستحقات ديونها الخارجية بالعملة الصعبة، وتوقّع صعوبات كبيرة على مستوى الأجور.

تتعلق اللا الثالثة التي أعلنها سعيّد بالاستحقاقات الرئاسية في انتخابات 2024، إذ أعلن رفضه تسليم السلطة، بما يعني سعيه للاستمرار على رأس الدولة، مقرّاً بأن الانتخابات المقبلة سيحسمها الشعب، وأنه لن يسلم السلطة لمن لا وطنية لهم.

وقد فتحت هذه “اللا” مجالاً واسعاً للتأويل في ما يتعلق بشروط الوطنية ومقتضياتها، ومن يعطي صك هذه الوطنية أو يسحبها.

ورغم تسليم قيس سعيد والتزامه المعلن بهذه الانتخابات، إلا أنه فتح باباً مُشرعاً لإمكانات تحكّمه في نتائج الاقتراع، وما يمكن أن يفرزه الصندوق، فلا حقّ لرئيس الجمهورية في أن يستبق أو يحكم على من يمكن أن يفوز بالانتخابات، وطنياً كان أو منعدم الوطنية، خصوصاً أن القانون الانتخابي لا ينصّ على ضوابط الوطنية.

وفي هذا السياق، يشكك متابعون في قيام هذه الانتخابات أصلاً، فهم يرون أن شعبوية سعيّد ونهمه الذي لم يعد خافياً للسلطة وغموض ما يضمره كشفه هذه الأوراق ستجعله متمسّكاً بهذه السلطة، فاعلاً كل ما يمكن فعله من أجل أن لا تحصل هذه الاستحقاقات الانتخابية.

وبحسب المراقبين يمكن الجزم بأن هذه التصريحات المعلنة، وهي كشف أوراق كانت خافية وإعلان لاءات ثلاث لملفّات خطيرة وحاسمة، ستكون لها ارتدادات كبيرة في علاقات السلطة، في الأيام المقبلة، بكبرى المنظمّات النقابية وبصندوق النقد الدولي والدول والهيئات المانحة ومختلف المنظمات التي ستذهب، بعد هذه التصريحات، إلى مزيد من تأكيد الاتجاه الذي تمضي فيه.

خاصة في مجال الحرّيات وحقوق الإنسان والسياقات الجيوسياسية بعد ترسانة الأخطاء الكبيرة التي قام بها سعيّد في هذا المجال، ومن عناوينها الأبرز وضع العلاقات التاريخية بين تونس والمغرب موضع الترقّب والمراجعة، باستقباله زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، واثارته ملفّ حقل البوري النفطي، مشكّكاً في النتائج التي ذهبت لصالح ليبيا.

علاوة على ملف المهاجرين واللاجئين الأفارقة من جنوب الصحراء الذي لم يغلق، فضلاً عن الموقف الأميركي المعلن أخيراً، من الوضع في تونس والضغوط الإيطالية والفرنسية من أجل أن تصبح تونس أرض لجوء وهجرة في جنوب المتوسط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق