أخبار تونساقتصادرئيسي

قيس سعيد يدمر تونس واقتصادها ويترك البلاد دون خيارات

يغلق رئيس الجمهورية قيس سعيد الباب أمام تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي في وقت يدمر تونس واقتصادها ويترك البلاد دون خيارات باستثناء استمرار الانزلاق في مسار الاستبداد والديكتاتورية.

وأعلن سعيد بخصوص الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، أن “الإملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدي إلى مزيد التفقير مرفوضة”، زاعما أن الخيارات يجب أن تكون “نابعة من إرادة الشعب”.

يأتي ذلك بعد أشهر من سعي تونس للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي في ظل أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وبهذا الصدد حذرت حركة “النهضة” من “انهيار الأوضاع في البلاد بسبب خيارات الرئيس قيس سعيد” منها رفض التفاوض مع صندوق النقد الدولي “دون تقديم حلول بديلة”.

وقالت النهضة، في بيان، إنها “تحذر من انهيار الأوضاع بالبلاد بسبب خيارات رئيس سلطة الانقلاب (إشارة إلى الرئيس قيس سعيد) الشعبوية، وأبرزها رفضه التفاوض مع صندوق النقد دون تقديم أي حلول بديلة”.

واعتبرت أن ذلك “قد يؤدي إلى منزلق خطير من الفوضى والمصير المجهول ويهدد بضياع مكتسبات الدولة”.

ويبرز مراقبون أن نفى قيس سعيد ما يُقال داخل تونس وخارجها إن الدولة مهدّدة بالسقوط، وهي فرضية لم تعد مطروحة فقط من المعارضة، بل أصبحت متداولة على الصعيد الدولي، وداخل اجتماعات كبار المسؤولين المهتمين بالشأن التونسي، مثل الاتحاد الأوروبي.

ويقول صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني إن سعيد يعتقد أن المؤسسات والوزارات ما دامت تعمل بشكل عادي فإن الدولة بخير، كل ما في الأمر أن هناك “لوبيات وعصابات مافيوزية ما زالت متنفذة داخل الدولة تعمل على إسقاطها”.

ويضيف “بالتالي، يكفي القضاء على هذه اللوبيات حتى تنتفي العوائق المعطلة للدولة والتنمية. .. العملية بسيطة، ولا علاقة لها بانهيار الدولة” بحسب رؤية سعيد لإدارة الأوضاع في تونس.

لكن الجورشي يبرز أن السؤال الثاني يتعلق بالحرّيات وحقوق الإنسان، وهو ملفٌّ أصبح ملازما لكل حديث عن تونس، ويشغل المنظمّات الحقوقية والسياسية في الداخل والخارج.

إذ ينفي سعيد وجود مشكلةٍ من هذا القبيل في تونس، ويراها ملفّا وهميا، وجزءا من المؤامرة على البلاد، وتحديدا عليه شخصيا، لأن هؤلاء المساجين السياسيين هم في الحقيقة مجرمون “أياديهم ملطّخة بالدماء، وليسوا معتقلين سياسيين”، متسائلا للمرّة الألف “هل تم اعتقال في تونس من أجل فكرة؟”.

يعني ذلك أن تونس خالية من سجناء رأي. أكّد ذلك الرئيس، رغم أن القضاء لم يثبت بعد وجود أي دليل مادي يثبت تورّط هذه الشخصيات السياسية في عملية عنف منسوبة إليهم، كما أن تقارير دولية تُجمع على وجود سجناء رأي في تونس.

بحسب الجورشي يتعلق السؤال الثالث الذي أجاب عنه الرئيس بمبادرة الاتحاد التونسي العام للشغل، بمعية منظمات للمجتمع المدني، وتتعلق بالحوار الوطني الذي ترى فيه هذه الأطراف قارب النجاة لتونس. قال سعيّد بكل بساطة “إذا كانت هناك مبادرة للحوار الوطني، فلماذا يوجد برلمان؟”.

وأغلق القوس بالتأكيد على أن الحوار “يتم في البرلمان، وهي مهمّة المشرّع المتمثلة في المصادقة على مشاريع القوانين”. وبذلك يكون قد أسدل الستار على مبادرة الاتحاد التي راهن عليها كثيرون، وظنّوا أنها يمكن أن تشكّل حلا وسطا سمّاه “الخيار الثالث”.

ونسي في هذه العملية الحسابية أن الرئيس صنع برلمانه الخاص به، وهو هيئة منسجمة مع سياسته، ومن له رأي أو مقترح فما عليه إلا أن يتوجّه إلى البرلمان الحالي يعرض عليه ما يريد وينتظر أن يدرسه الأعضاء، ويحوّلونه إلى مشروع قانون، ثم التصويت عليه، قبل إحالته إلى رئيس الدولة للتوقيع عليه إن رآه صالحا!

المسألة الأخرى، وهي الأخطر، تتعلق بالأزمة المالية والاقتصادية التي تهدّد مستقبل البلاد والعباد. لم يتغيّر جواب الرئيس، رغم كل التهديدات التي تواجهها البلاد: “الإملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدّي إلى مزيد التفقير مرفوضة”، واعتبر أن البديل هو أن يعوّل التونسيون على أنفسهم، و”أن السلم الأهلي ليس أمرا هيّنا”.

وهو جواب جميل، يستعمله في الغالب الثوريون والمتمرّدون على النظام الدولي والمنظومة السائدة، لكنه عمليا لا يفيد في تقديم حلول واقعية وممكنة.

يطلب رئيس الجمهورية من التونسيين الصبر والتحمّل والتنازل عن مزيد المطالبة بحقوقهم، بحجّة أن إمكانات الدولة لا تسمح بنفقاتٍ إضافية. لكن التعامل مع صندوق النقد الدولي أمر لا مفر منه، وهو ما يحاول جميع المتدخّلين في الشأن التونسي أن يقنعوا به الرئيس سعيّد من دون جدوى.

إذا حاولنا الخروج بخلاصة بعد الاطلاع على هذه الإجابات، الأزمة مرشّحة لمزيد التفاقم، والمستقبل يبقى غامضا فترة قد تطول. لن يكون هناك انفراج سياسي. العلاقة بين السلطة ومنظمات اتحاد الشغل ستبقى بين مدّ وجزر. تونس في حالة انتظار حلول … سحرية!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق