
أبرزت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية ما تشهده تونس من خطوات على نهج التسلط، مبرزة أنه في عهد الرئيس سعيّد، يُحظر التظاهر ويُطرد المنتقدون الأجانب.
وقال إريك غولدستين نائب المدير التنفيذي في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة “ماذا تبقى من مكاسب حقوق الإنسان التي حققتها ثورة 2011 في تونس؟ ظلّ هذا السؤال مفتوحا منذ استحواذ الرئيس قيس سعيّد على السلطة في يوليو/تمّوز 2021”.
وأضاف غولدستين “وأنا أشاهد المظاهرات المناوئة لسعيّد في تونس العاصمة يوم 14 جانفي/كانون الثاني 2023، في الذكرى الـ 12 للإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، فكّرتُ في مكسبَيْن على الأقلّ ظلا موجودين: حرية التجمّع والانفتاح على منظمات المجتمع المدني الدوليّة”.
وأشار إلى أنه كان عدد المتظاهرين في حدود الألفين، لكن لافتاتهم وشعاراتهم كانت جريئة: “لا للانقلاب”، و”ارحل يا فاشل”، دون أن تتدخل الشرطة.
وتابع غولدستين قائلا “لقد تسامح سعيّد مع التجمعات المعارضة له، خلافا لبن علي، الذي كانت قواته الأمنيّة تمنع أو تفرّق كلّ تجمّع سياسي، ولو لحفنة من الناس، خلال فترة حكمه التي استمرّت عقدين”.
وتابع ” كما سمح سعيّد لنشطاء المجتمع المدني الأجانب بالدخول والتنقل في جميع أنحاء البلاد دون عراقيل، بما في ذلك الذين ندّدوا بانحرافه نحو التسلّط. في عهد بن علي، مُنع العديد من نشطاء حقوق الإنسان من دخول تونس، أو طُردوا منها”.
ونبه إلى أنه في الشهرين الماضيين، استخدم سعيّد بعضا من الوسائل التي كان يستخدمها بن علي. في خضمّ حملة إيقاف المعارضين والتحريض على المهاجرين الأفارقة السود، لم ينتبه كثيرون إلى أنّ إدارة سعيّد بدأت ترفض تصاريح التظاهر وتطرد المنتقدين الأجانب أو ترفض دخولهم.
وقال “منع والي تونس مسيرة مقرّرة ليوم 5 مارس/آذار من قبل “جبهة الخلاص الوطني”، وهي ائتلاف سياسي معارض لاستحواذ سعيّد على السلطة، وذلك “لتعلّق شبهة جريمة التآمر على أمن الدولة بعض قياديي الجبهة”. لكن الجبهة تمكّنت من تنظيم المسيرة في تاريخها بأعداد أقلّ بسبب مراقبة الشرطة. ومع ذلك، فإنّ الحظر الكتابي الصادر عن الوالي يُبشّر بالسوء”.
وأضاف أنه “في 18 فبراير/شباط، أمر سعيّد بترحيل إيستر لينش، من “كونفدرالية النقابات الأوروبية”، بحجة “التدخل” في “شؤون تونس الداخلية”. وكانت لينش قد جاءت لمساندة مطالب “الاتحاد العام التونسي للشغل” بالتفاوض مع الرئاسة وإطلاق سراح النقابيين الموقوفين. بعد أسبوعين، رفضت السلطات دخول نقابي إسباني كان قادما في زيارة تضامن”.
ولفت غولدستين إلى أنه في غضون أعوام قليلة بعد استيلاء بن علي على السلطة في 1987، امتلأت سجون حكومته بآلاف المشتبه بأنهم معارضون، وتعرّض العديد منهم للتعذيب، وواجهت عائلاتهم مضايقات بلا هوادة. لا يُمكن مقارنة حجم القمع آنذاك والآن، لكن الحظر الأخير للتجمع العام وزيارات الأجانب المنتقدين جعلت سعيّد يقترب خطوتين من نهج بن علي.