رئيسيسياسي

استهداف ممنهج للمعارضين في تونس.. تكريس لنظام القمع

تصعد السلطات التونسية حملته في الاستهداف الممنهج للمعارضين في تكريس لنظام القمع الذي فرضه في البلاد رئيس الجمهورية قيس سعيّد عبر انقلابه بإجراءات استثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021.

إذ قررت المحكمة العسكرية في تونس إصدار بطاقة إيداع جديدة في السجن ضد النائب في البرلمان السابق رئيس كتلة ائتلاف الكرامة وعضو الهيئة السياسية لجبهة الخلاص الوطني المعارضة، سيف الدين مخلوف، وذلك في القضية المعروفة إعلامياً بـ”قضية المطار”.

وصرحت المحامية إيناس حراث، عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن المحكمة قبلت اعتراض المحامين شكلياً.

وذكرت حراث أن “المحكمة العسكرية قررت اليوم إصدار بطاقة إيداع جديدة في حق مخلوف، وهذا لا يمثل حكماً طبعاً”، مشيرة إلى أن مخلوف سيبقى مودعاً بالسجن إلى حين جلسة المرافعة يوم 10 فبراير/ شباط المقبل.

وعلّقت مجموعة “محامون لحماية الحقوق والحريات” على قرار المحكمة العسكرية، واصفة إياه، في بيان، بـ”الجائر والصادم عن محكمة الاستئناف العسكرية بتونس”.

وأوضحت المجموعة أن “الحكم قضى بسجن الزميلين سيف الدين مخلوف والمهدي زقروبة أربعة عشر (14) شهراً للأول، وأحد عشر (11) شهراً للثاني، مع إكساء (إضفاء) الحكم بالنفاذ العاجل، وحرمان الأستاذ زقروبة من ممارسة مهنة المحاماة مدة خمس سنوات”.

وأكدت أن “إصدار بطاقة إيداع ضد سيف الدين مخلوف فيه خرق واضح للإجراءات القانونية ولضمانات المحاكمة العادلة”.

وبالتزامن مع محاكمة مخلوف، نظم سياسيون ومحامون وقيادات حزبية في تونس وقفة تضامنية تنديداً بمحاكمة المدنيين من قبل المحاكم العسكرية، ورفعت شعارات: “حريات حريات لا قضاء التعليمات”، “لا لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية”، “ولا لتصفية الخصوم السياسيين”.

وأوضح عضو هيئة الدفاع عن مخلوف وعميد المحامين الأسبق عبد الرزاق الكيلاني، أن “سيف محكوم بـ14 شهراً من قبل محكمة الاستئناف العسكرية في ما يعرف بقضية المطار”.

ولفت إلى أنّ المتضامنين “جاؤوا اليوم للاعتراض على هذا الحكم وللمطالبة بإطلاق سراح مخلوف”، مشيراً إلى أنّ الأخير “يحاكم مرتين على الفعل ذاته، حيث سبق أن أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في القضية”.

وأوضح الكيلاني أنّ “القضية تم تهويلها رغم أنها قضية بسيطة، حيث استنجدت مواطنة بمحاميين، وهما مخلوف ومهدي زقروبة، بعد منعها من السفر، وحضورهما كان في إطار ممارسة عملهما كمحاميين”.

وفي 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، قضت محكمة عسكرية بالسجن سنة وشهرين بحق مخلوف، و11 شهراً بحق المحامي مهدي زقروبة مع الحرمان من ممارسة المحاماة، و7 أشهر بحق نضال سعودي، و5 أشهر بحق كل من ماهر زيد ومحمد العفاس، و3 أشهر مع تأجيل التنفيذ على لطفي الماجري.

وتعود الواقعة إلى 15 مارس/ آذار 2021، حين شهد مطار قرطاج الدولي بتونس العاصمة شجاراً بين عناصر من أمن المطار ومحامين ونواب في ائتلاف الكرامة (18 نائباً في البرلمان المنحل من أصل 217) إثر محاولة الأخيرين الدّفاع عن مسافرة مُنعت من مغادرة البلاد لدواع أمنية.

وقالت منظمة العفو الدولية إنه “ينبغي للمحاكم العسكرية التونسية أن تسقط فورا أحكام الإدانة الأخيرة الصادرة بحق ستة مدنيين، من بينهم أربعة سياسيين من المعارضة، ومحام بارز، والشخص الذي صور الحادثة، وأن تفرج عن الذين احتجزوا”.

وذكرت العفو الدولية أنّ “اختصاص المحاكم العسكرية في القضايا الجنائية ينبغي أن يقتصر على محاكمة الأفراد العسكريين لانتهاكهم الانضباط العسكري”.

في هذه الأثناء ندد الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية نبيل بفون، بما وصفه بـ”التنكيل به”، بعد منعه من السفر وحرمانه من العودة إلى مهنته.

وفي فيديو نشره على صفحته في “فيسبوك”، أكد بفون أنّه مُنع من السفر “بسبب عدم تطابق مهنته المضمّنة في جواز السفر مع مهنته الحاليّة”.

وأوضح بفّون أنّه “تلقى عقد عمل في الخارج مع مؤسّسة دوليّة محترمة في المجال الانتخابي، وكان من المفترض أن يسافر اليوم إلى نواكشوط (موريتانيا) ولكنه منع من ذلك”.

وأضاف: “كنت أعلم أنّ اسمي ضمن قائمة الـ S17، (تعليمات بمنع السفر من الداخلية) ولكن توجّهت في الصباح الباكر إلى المطار، فتمّ إعلامي من قبل شرطة الحدود بأنّني ممنوع من السفر، لأنّ مهنتي الواردة في جواز السفر لا تُطابق مهنتي الحاليّة، وبالتالي يجب أن أقوم بتغيير جواز السفر”.

كما كشف الرئيس السابقة للهيئة العليا للانتخابات، أنّه مُنع من العودة إلى مهنته الأصليّة، بعد مغادرته لهيئة الانتخابات، وهي عدل منفّذ، “دون أسباب تُذكر”، موضحاً: “أردت إعادة فتح مكتبي، فامتنعت وزارة العدل عن إمضاء قرار العودة”.

وتابع: “سكوتي طيلة هذه المدّة الأخيرة هو لأنّني لا أريد التعامل مع هذا العبث (…) على ماذا سأعلّق وماذا سأحلّل؟ (…) حقّاً ما يحدث في تونس عبث ومهزلة”.

وجاء في الفيديو الذي نشره بفّون: “نكِّلوا بنا كما شئتم، ولكن كلّ مُرّ سيمر (…) لو دامت لغيرك لما وصلت إليك، وأنا لم أنل من التضييقات ما حدث مع  آخرين (…) هذه التضييقات تأتي بسبب موقفي الرافض للانقلاب منذ اليوم الأول”.

من جهة أخرى، قال النائب السابق عن ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي، إنه يتعرض لصورة أخرى من صور التّنكيل، مضيفاً في تدوينة له: “بعد رفض تجديد جواز سفري، واحتجازه لسنة كاملة ثمّ إعادته إليّ كما قدّمته (…) ابنتي تتقدّم لاستخراج جواز سفر من تاريخ 1 سبتمبر/أيلول 2022 وإلى اليوم”، مضيفاً أنه بعد خمسة أشهر لم يتم الرد بعد.

وأوضح العلوي: “كلّما اتّصلنا بالمركز (مركز الشرطة القريب من مسكنه) نسمع جواباً واحداً: نحن قمنا بما ينبغي وأرسلنا الوثائق (لوزارة الداخلية) ولم يصلنا رد”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق