
تشهد تونس تصاعدا لافتا في المواقف المعارضة لرئيس الجمهورية قيس سعيد ولانتخابات البرلمان المقررة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الحالي.
توج ذلك بموقف قوي ولافت من الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي أكد أمينه العام نور الدين الطبوبي عدم القبول باستمرار المسار الحالي، فضلاً عن دعوة خمسة أحزاب تونسية إلى مقاطعة الانتخابات.
وصرح الأمين العام لحزب “التيار الديمقراطي” غازي الشواشي، أنه “من الثابت أن أغلب الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين ضد مسار قيس سعيّد، فغالبية الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية”.
وأشار الشواشي إلى أن اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة، وعمادة المحامين، والمجتمع المدني، أصدرت مواقف تعكس حالة قلق شاملة وحالة غضب في الشارع من غلاء المعيشة، وانسداد الأفق، والاعتداء على الحقوق والحريات، والمشهد السريالي الرديء للحملة الانتخابية، وكذلك المرشحين، والحكومة التي تعمل في الغرف المظلمة.
واعتبر الشواشي أن “هذا يفسر تصعيد خطاب الأحزاب المعارضة من خلال البيان الخماسي وبيان “جبهة الخلاص، وتصريحات عبير موسي (رئيسة الحزب الدستوري الحر) أيضاً، ثم تصريحات أمين عام الاتحاد الشغل الذي تعمد التصعيد في خطابه”.
وتابع “أعتبر أن قيس سعيّد يتحمل المسؤولية وليس الحكومة، بحسب الدستور والقوانين، فالرئيس هو الحاكم بأمره، ومشكلتنا مع كامل المسار، لأن الحكومة أداة لدى رئيس الدولة، يطبق بها خياراته ومساراته، ونلاحظ الخطاب المزدوج بين الرئيس وحكومته”.
ولفت إلى أن “قيس سعيّد يدفع البلاد نحو انفجار اجتماعي، والدليل هو موقف اتحاد الشغل الذي يمتلك معطيات من مكاتبه الجهوية والمحلية ومختلف تمثيليات الشغالين في مختلف ربوع البلاد، التي تفيد بتردي الأوضاع، فالاتحاد أطلق صيحة فزع، ونتمنى أن يوجه خطابه مباشرة إلى الرئيس الذي وضع نفسه في ذلك المكان، وتحمل كامل المسؤولية وحده، فهو من وضع حكماً بمسؤولية مبنية على الفرد بدل المؤسسات”.
ورجح الشواشي أن “ترتفع وتيرة الاحتجاجات آخر هذه السنة وبداية السنة المقبلة”، قائلاً: “أنتظر أن تكون هناك احتجاجات وحراك سياسي، ونحن جزء منه، وإما أن يقوم سعيّد بخطوة إلى الوراء، أو سيتم إسقاطه، لأن تونس لم تعد تحتمل”.
وكان رئيس “جبهة الخلاص” نجيب الشابي دعا جميع أحزاب المعارضة للخروج سوياً يوم 10 ديسمبر/كانون الأول لتأكيد رفض انقلاب قيس سعيد.
من جهتها دعت حركة “النهضة” التونسية، إلى توحيد الجهود لمقاومة الانقلاب الذي نفذه الرئيس التونسي قيس سعيّد، محذرة من تواصل عجز السلطة عن تقديم أي حلول، وتواصل هدم كل المؤسسات من هيئات دستورية وأيضا دستور 2014.
وقالت “النهضة” في مؤتمر صحافي بمقرها أنه “لا وجود لأي أدلة حقيقية تدين الحركة وقياداتها في القضايا المرفوعة ضدها”، مضيفة أن “سلطة الانقلاب تمارس سياسة الهروب للأمام وأن الانتخابات القادمة ستكون محطة أخرى من محطات الفشل”.
وأكدت رئيسة المكتب القانوني لحركة “النّهضة” زينب البراهمي أن هناك “عدة قضايا موجهة للنهضة، منها قضية شركة انستالينغو والتي لا أساس لها من الصحة، لأن الملف بني على وشاية من واشية مشكوك في مصداقيتها، حيث عرفت بفبركة الملفات”.
وأضافت أن “رئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي كان كلما دعي للتحقيق في هذا الملف كان يُسأل عن التهمة الموجهة إليه، بدل أن يُسأل عن رأيه وعلاقته بفلان أو فلان”.
وأوضحت البراهمي أن “الغنوشي كان واضحا في موقفه يوم 25 يوليو (تموز) 2021 ولم يتخف وراء صفحات للتعبير عن رأيه”، في إشارة إلى انتقاد الغنوشي علناً للإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي واستفراده من خلالها بالسلطة.
بدوره، قال الناطق الرسمي باسم حركة “النهضة” عماد الخميري، إن “هناك فشلاً ذريعاً وعجزاً غير مسبوق في إدارة شؤون البلاد، مع غياب تام للشفافية ودون توضيح الإجراءات والاتفاقات التي تقوم بها الحكومة”، مشيراً إلى أنّ “هذا يرافقه عجز في إدارة الأزمات وفي التعاطي الأمني مع الاحتجاجات ما خلف عزلة للرئيس وللحكومة وغياب أي تأييد لهما”.
واعتبر أن “تحويل ملف حركة النهضة إلى مجرد ملف أمني قرار خاطئ، ووجب الاتعاظ بالتجارب السابقة، بعد تحويل ملف سياسي إلى أمني لأكثر من 25 سنة خلال حكم (الرئيس الراحل زين العابدين) بن علي، وكان من آثاره مزيد من الدكتاتورية والتعدي على الحقوق والحريات التي نشاهد اليوم جزءا كبيرا منها”.