رئيسيسياسي

قيس سعيد يصعد استهداف قيادات المعارضة لتكريس الاستبداد

لجأ رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى تصعيد استهداف قيادات المعارضة لتكريس الاستبداد والحكم الفردي القائم على القمع في تونس.

فقد مثل أمين عام حزب “التيار الديمقراطي” غازي الشواشي أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببن عروس، بسبب شكاية من وزيرة العدل التونسية ليلى جفال على خلفية تصريح سياسي حول استقالة رئيسة الحكومة نجلاء بودن.

وكان الشواشي صرح في 12 مايو/أيار الماضي أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن قدمت استقالتها لرئيس الجمهورية قيس سعيد وأن هذا الأخير لم يُفعّلها، مشيراً إلى وجود معارك في الكواليس على خلافتها. وتم تأجيل الجلسة إلى يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وأكد الشواشي للصحفيين أن قيس سعيد كلف وزيرة العدل بتفعيل مقتضيات الفصل 23 من المجلة الجزائية وتقديم شكاية ضده، وأن محاكمته جاءت من أجل نسب أمور غير صحيحة لموظف عمومي ونشر أخبار زائفة تعكر صفو النظام العام.

وقال الشواشي، إن هذه المرة ليست الأولى التي يستهدفه فيها سعيد، حيث سبق واتهمه بتسويغ أراض فلاحية تابعة للدولة بأسعار زهيدة عندما كان وزيرا لأملاك الدولة، حيث “تبين أن الملف فارغ بعد فتح بحث تحقيقي في الغرض وتم حفظ التهمة”، مؤكدا أن ما قاله رئيس الجمهورية هو ادعاء بـ”الباطل وترويج لأخبار غير صحيحة”.

ولفت إلى أن تصريحه الذي يحاكم عليه اليوم سياسي، ولا يحط من كرامة رئيسة الحكومة ولا بقية الوزراء، و”لكنها مقدمة لتلفيق ملفات سياسية ضد المعارضين والمسؤولين السياسيين في انتظار تطبيق المرسوم الجديد عدد 54 والذي جاء خصيصا لضرب الخصوم وحرية التعبير وتكميم الأفواه”، مشيرا إلى أن “محاكمة اليوم سياسية لكل رأي مخالف لرئيس الجمهورية”.

وشدد الشواشي على أن الحكم الاستبدادي لا يمكن إلا أن يلجأ إلى تكميم الأفواه وتوظيف القضاء لتصفية الحسابات ومحاصرتهم ومنعهم من التعبير، وأن الهدف هو منعهم من إيصال أصواتهم للشعب التونسي والحيلولة دون التعبير عن رفض المسار.

وكان التيار الديمقراطي” قد قال في بيان، أمس، إن “سلطة الانقلاب تواصل محاولاتها استعمال القضاء لترهيب المعارضين وإخماد أصواتهم”، معربًا عن استنكاره لمثل هذه الأساليب.

وقالت أحزاب “العمال”، و”الجمهوري”، و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل”، و”الحريات”، و”القطب”، و”التيار الديمقراطي”، في بيان مشترك، إن “لجوء سلطة الانقلاب إلى توخي سياسة القبضة الحديدية للتغطية على فشل مسارها الانتخابي ومحاولة إسكات معارضيها لن يزيدهم إلا عزما وإصرارا على تحمل المسؤوليات الوطنية في إنقاذ تونس ومنع انهيار الأوضاع فيها”.

وأضاف البيان “كذلك هي محاولة لإقحام القضاء في الخصومات السياسية واعتماد سياسة تكميم الأفواه ومحاولة لفت انتباه الشعب التونسي عن صعوبة أوضاعه المعيشية وعجز سلطة انقلاب 25 يوليو/ تموز عن تلبية الحد الأدنى من مطالبه وتوفير حاجياته اليومية”.

يأتي ذلك فيما قرر قاضي التّحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، الإبقاء على رئيس الحكومة ووزير الداخلية الأسبق علي العريض في حالة سراح بقضية “التسفير إلى بؤر التوتر”، وإرجاء الجلسة إلى يوم 19 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وأبدى العريض استغرابه الشديد بسبب محاكمته وحده كرئيس حكومة سابق، في قضايا سابقة منذ 14 يناير/كانون الثاني 2011 ومتواصلة إلى الآن، بينما لم تتم دعوة أيّ من المسؤولين الذين شغلوا المنصب ذاته.

وبالتزامن مع قرار القاضي، تجمّع أنصار حركة النهضة لتقديم المساندة لرئيس الحكومة الأسبق، مرددين شعارات “يسقط يسقط الانقلاب”.

يذكر أنّ قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب، أصدر بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس فرقة حماية الطائرات السابق بمطار تونس قرطاج الدولي عبد الكريم العبيدي، والمتحدث الرسمي السابق باسم تنظيم “أنصار الشريعة” المحظور، سيف الدين الرايس.

وأمس الأربعاء، قرّر حاكم التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة تونس، تأجيل الاستماع إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في قضية “التسفير لبؤر التوتر” إلى 28 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مع إبقائه في حالة سراح.

والتحقيقات في هذا الملف بدأت إثر شكوى تقدمت بها البرلمانية السابقة فاطمة المسدي (حركة نداء تونس) في ديسمبر/ كانون الأول 2021، إلى القضاء العسكري قبل أن يحولها إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لوجود مدنيين بين المشتكى بحقهم.

وتعتبر قراءات عديدة في تونس ملاحقة رئيس “حركة النهضة” وقيدات أخرى من المعارضة تطوراً مهماً في صراع السلطة مع معارضيها عموماً، ومع أهم مكوناتها، وخاصة حركة “النهضة”، وإيذاناً بدخول مرحلة جديدة من هذا الصراع، بعد تجاوز مرحلة جسّ النبض التي استمرت لأشهر.

ويعتبر متابعون أن استهداف رئيس حكومة سابق وإيقافه يومين، بالرغم من فراغ ملف الاتهامات، بحسب المحامين، وإبقاء رئيس البرلمان ورئيس واحد من أكبر الأحزاب السياسية، لمدة تفوق 14 ساعة، ليومين متتاليين في التحقيق، استهدافٌ مقصود هدفه ضرب رموز الحركة بغاية “بثّ الرعب في قواعدها”، خصوصاً أنها أكبر قاعدة شعبية معارضة في البلاد، وكذلك توجيه رسالة للجميع بأنه “لم تعد هناك خطوط حمر أمام السلطة، وأن فسحة التسامح انتهت تماماً”.

وتشهد تونس أزمة سياسية مستمرة منذ 25 يوليو/ تموز 2021 حين بدأ رئيس البلاد قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية بينها حلّ البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتمرير دستور جديد للبلاد في 25 يوليو الماضي.

وتعتبر قوى سياسية تونسية، في مقدمتها “النهضة”، هذه الإجراءات “انقلاباً على دستور 2014 (دستور الثورة) وتكريساً لحكم فردي مطلق”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق